كلّما صادفنا أحد أولئك الرياضيّين ذوي البنية الضخمة والعضلات المفتولة، يتبادر إلى أذهاننا سؤال: هل الأمر طبيعيّ أم اصطناعيّ؟ تُستخدَم الستيرويدات، أو حقن التستوسترون الخارجيّ المنشأ لعدّة دواع. وسواء أجاء استخدامها لغايات طبيّة أو كعقاقير لتحسين الأداء الرياضيّ الترفيهيّ (كبناء العضلات وترميمها)، فإنّ لها أثرًا بعيدًا على الخصوبة لدى الرجال. ومهما كانت دواعي الاستخدام فإنّ آثار حقن التستوسترون هي عينها في ما خصّ قدرة الرجال على الإنجاب، وقد تسبّب الإصابة بالعقم. فحين يدخل التستوسترون الجسم، تتعرّف إليه غددنا الدماغيّة في الحال، غير أنّها تفتقر إلى القدرة على تحديد مصدره، أي إذا كان من الخصيتين (داخليّ المنشأ)، أو مجرّد حقنة (خارجيّة المنشأ). وكما شرحنا من قبل، فإنّ الغدد الدماغيّة تعمل وفق مبدأ ارتجاع المعلومات، تمامًا مثل آليّة الترموستات في الثلاّجة. وهكذا، فبعد تلقّي حقنة التستوسترون، التي تُدخل إلى الجسم مقادير ضخمة جدًّا من التستوسترون، تقوم الغدد الدماغيّة في الحال بمنع موجّهَي الغدد التناسليّة، أي الهورمون المُلَوتِن والهورمون المنبّه للجُريب، من الوصول إلى الخصيتين. وهذا الأمر يمنحهما حالاً من الراحة، بعدما خُدعا "بالظنّ" أنّ هذه المعدّلات الضخمة من التستوسترون مصدرها الخصيتان. غير أنّ ذلك سينتج عنه لاحقًا انخفاض ملحوظ في إفراز التستوسترون الطبيعيّ (الداخليّ المنشأ) من الخصيتين، ويؤدّي في النهاية إلى وقف إنتاج النطف. ويسبّب الحقن بالتستوسترون لمدّة طويلة إلحاق الضرر بالخلايا المكوّنة للنطف، ما يؤدّي إلى ضمور الخصيتين، وفي النهاية إلى العقم.